المادة    
السؤال: موضوع الموالاة والمعاداة، وأن الإسلام حكمه في التعامل مع الكفار، لا بد من الإسلام أو السيف أو الجزية، وأن واقعنا الآن هو غير ذلك، فهل هو عبارة عن صلح دائم إلى قيام الساعة؟
الجواب: ليس هذا صلحاً، والصلح لا يدوم إلى قيام الساعة، بل المسألة مسألة ذل، لقد ضربت علينا الذلة والمسكنة -والعياذ بالله-.
لأننا حل بنا ما حل ببني إسرائيل، أعرضوا وأعرضنا، وأنكروا وأنكرنا-والحمد لله الطائفة المنصورة موجودة، ولكن نتكلم الآن عن عموم الأمة- وعطلوا حدود الله وعطلناها، وأكلوا الربا وأكلناه، ما فعله بنو إسرائيل واستحقوا به الذله والمسكنة فعلناه -والعياذ بالله- فلا بد إذاً أن نأخذ نصيباً من ذلك.
وإن كنا -ولله الحمد- نحن أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنا طائفة منصورة، لأن بني إسرائيل كلهم قد ضلوا وانحرفوا إلا بقايا قليلة منهم، ولم يكن فيهم ربانيون وأحبار ينهونهم.
فالمقصود أنا لما أخذنا نصيباً وافراً من اتباع اليهود والنصارى، أصابنا حظ كبير مما توعد الله به اليهود والنصارى، ولا يُعقل أو يُتخيل أن الله يعذب اليهود لأنهم أكلة ربا، ونحن أكلة ربا يبارك لنا ويعزنا وينصرنا، فإنه ليس بين الله سبحانه تعالى وبين أحد من خلقه نسب أبداً، فإبراهيم عليه السلام يقول الله تعالى عنه: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124] قال: ((وَمِنْ ذُرِّيَّتِي))[البقرة:124] وحق لإنسان أن يريد الخير له ولذريته، فقال له ربه: ((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124] فلا مجاملة، من ظلم من أبنائك يعامل معاملة الظالمين، معاملة النمرود، أو فرعون، فنحن الآن أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نعمل أعمال اليهود وأخلاق اليهود، ونقول: أين النصر الذي وعد الله به المسلمين؟
فحالنا اليوم هو سبب لهذا الذل، وأكبر علامة على هذا الذل، أن الدويلة اليهودية -لم نكن نسميها في السابق إلا دويله وعصابات، والآن لم نعد نسميها عصابات، لأنها أصحبت أمة- الصهيونية تضرب مقراً في تونس على بعد خمسة أو ستة آلاف كيلو متر عنها، وتضرب في العراق على مسافة ألف كيلو متر، وتهدد بضرب المفاعل الذي في باكستان، وتفرض رهبة على المنطقة كلها، وهم عددهم يقال: ثلاثة ملايين أو أربعة، وماذا يصنعوا لو وصلوا إلى عشرة مليون أمام ألف مليون؟!
فالقضية ليست قضية عدد، حتى نعرف أنه ما كان هذا الذل والهوان؛ إلا لأنا عصينا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فأصبح المجرمون هؤلاء يصولون ويجولون؛ ولو قمنا لله قومة حق لنصرنا الله على أعدائه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولهذا أصبحت القضية عندنا كما ذكر السائل كأنه صلح دائم مع الكفار -والله المستعان- نسترضيهم وغاية ما نفعل أننا نشجب العدوان.